الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

التربية الخلقية هي من ستقضي على قمامة الشارع و القمامة الفكرية ................ بقلم د.شهيرة عبد الهادي

البرقية التونسية _ ... بقلم د. شهيرة عبد الهادي _ مصر 

ذهبت اليوم إلى نادي أعضاء التدريس بجامعة الإسكندرية في فترة الظهيرة .. والنادي كما هو معلوم في الشاطبي .. أثناء ذهابي .. لفتت نظري ظاهرتين .. أولاهما لن أتحدث عنها بالتفصيل لأنه طالما أن تحدثنا عنها في مواقف مختلفة وهي ظاهرة القمامة التي تملأ شوارع مصر والتي لم تحل حتى الآن .. فلم أشهد في الإسكندرية مقلب قمامة في حجم مقلب القمامة الذي شاهدته على ناصية دخول النادي من الشارع الخلفي الذي به تجمع العديد من المدارس في مختلف المراحل التعليمية .. وكانت القمامة تحتوى- بالإضافة إلى كل الأنواع التي تخطر على البال - الأطباق الخاصة بسرفيس الأكل الذي يقوم النادي بتقديمه لمرتاديه من أعضاء هيئة التدريس وعائلاتهم  ! .. هي مصيبة سلوكية كبرى لكل من المسؤولين  في الدولة و أيضاً لسلوكيات الشعب .. ولن أتحدث عنها بالتفصيل لأنه قد تم تناولها في مقالات سابقة .. إلا أن  هذه الظاهرة   السلوكية في جانب منها ترتبطة ارتباطاً وثيقاً بما سأتحدث عنه الآن في مقالتي هذه .. والذي هو مرتبط بالسلوك العام لفئة من شباب الشعب المصري .. ما أتحدث عنه الآن هو .. أنه قد .. صادف ذهابي إلى النادي .. خروج تلاميذ المدارس المحيطة بالنادي .. والمعلوم لدى الجميع أن معظم هذه المدارس هي من المدارس الخاصة واللغات والقومية وما إلى ذلك ..أي أنها تُمثل شريحة ذات مستوى اقتصادي اجتماعي متميز إلى حد كبير .. كما أن منطقة الشاطبي المفترض أنها من المناطق الراقية إلى حد جيد .. أي أنه من المفترض أن تلاميذ هذه المدارس يكونون من النلاميذ المميزين أخلاقياً ..إلا أنني قد شاهدت فريقين من التلاميذ الذكورمن تلاميذ مدارس تلك المنطقة .. يقومان بالهزار مع بعضهما البعض .. إلى هذا الحد والوضع يبدوا طبيعياً للقارئ .. لكن ما لفت نظري أن الهزار كان يتم عن طريق أن كل من أعضاء الفريقين قد رمى حقيبة المدرسة على الرصيف .. ثم أخذ يلتقط حجارة وطوب من على الرصيف والأرض ويقوم برشق الفريق الآخر ويمطره بوابل من الحجارة مع إمطاره بوابل من الشتائم الجنسية الفاضحة .. شتائم من كل نوع .. وكان الإسفاف والفحش في القول ليس له حد ..بالإضافة إلى سب الدين العلني .. لدرجة أنني قد طلبت منهم هدنة للتوقف عن إلقاء الحجارة على بعضهم البعض حتى أستطيع السير دون أن يتم قذفي بحجارة عن طريق الخطأ .. وهم يقولون .. وقف يا ابني شوية عشان الحاجة تعدي !.. أنا أذكر مثل هذه الواقعة .. لأن هؤلاء التلاميذ أعمارهم الزمنية من 15 إلى 18 عاماً .. أي أنهم سيدخلون الجامعات المصرية مستقبلاً .. ولا يمكن الفصل بين هذا السلوك وبين سلوكيات الشباب الذين اقتحموا الأزهر اليوم وخربوا وحطموا وكسروا واعتدوا واحتجزوا أعضاء هيئة التدريس و اعتدوا على المبنى الإداري للجامعة وحطموه وخربوا محتوياته وألقوا بها من النوافذ  وهم يُهللون وفرحون  بهذا  العمل  غير الأخلاقي  والإجرامي  كما أن بعضهم يُحطم ويُخرب وهو يقول " الله أكبر" .. أيُ فكرٍ هذا ؟ .. إن هذا الفكر  لا يختلف في درجة قمامته  عن فكر  " رمي القمامة "  في الشارع  وتركها  مرتعاً  للحشرات  وانبعاث الروائح الكريه  منها  والتي تؤذي  الجميع   .. يا سادة كلها منظومة اجتماعية واحدة .. وهؤلاء الشباب الذين يهزرون مع بعضهم البعض اليوم بالحجارة وبسب الدين هم بعد عام أو اثنين أو ثلاثة من سيدخلون إلى الجامعات المصرية وتتلقفهم الأيدي إن لم يكن قد تلقفتهم من الآن وتتحكم فيهم وترود تفكيرهم وتُكّون منهم المتطرف و المنحرف وتستخدمهم لأغراضها المختلفة سياسية كانت أو غير سياسية .. إن هذا المشهد يدل على أننا افتقدنا التربية الخلقية .. نعم افتقدناها في البيوت وفي المؤسسات التعليمية المختلفة .. نعم .. إنها التربية الخلقية التي تنمي لدى التلميذ مفهوم الانتماء لبلده لوطنه فلا يعتدي على الرصيف ليأخذ منه حجارة لكي يستخدمها في الاعتداء على زميل له حتى ولو كان من قبيل الهزار .. فالاعتداء يؤدي إلى مزيد من الاعتداء .. وهكذا يستمر مسلسل الاعتداء .. ثم يبدأ مسلسل العداء .. وهذا ما حدث بالفعل .. فعندما وصلت إلى بداية دخولي الشارع المؤدي لبوابة النادي فإذا بي أشاهدهم قد بدأوا في شجار دامي بين بعضهم البعض .. رسالتي التي أوجهها من خلال كتابة مقالتي هذه حول ذلك الموقف .. هي إلى كل من يقرأ مقالاتي .. لأن مقالاتي من الواقع .. فـهي هادفة .. لها رسالة ولها رؤية .. ورسالتي ورؤيتي يتلخصان في كلمة ذهبية ماسية حريرية هي ( مصر ) .. نعم مصر الحبيبة القوية الحريرية ومصدر النعومة هنا هي الأمومة لكل شبابها هي الحضن الدافئ لهم ..فـ .. إذا لم يهتم المسؤولين عن مصر بشباب مصر .. وبتعليمه على أسس علمية سليمة.. وإذا لم يهتموا بالتربية الخلقية النابعة من جوهر جميع الأديان السماوية .. ستتكرر الكثير من الحوادث التي شاهدناها اليوم في الأزهر .. يجب أن تكون مصر هي الحضن الاجتماعي الدافئ وهي الأم الرؤوم وهي حصن الأمن والأمان لشبابها لأنهم هم من قاموا بثورة 25 يناير 2011 مـ وهم من قاموا بالموجة الثانية للثورة في 30 يونيو 2013 مـ وهم من سيقومون بتقويم الوضع في مصر مستقبلاً فإذا لم نقومهم ونضعهم على الطريق السليمة من الآن فسنضل نحن قبل أن يضلوا هم .. فالاهتمام بالقمامة التي تملأ شوارعنا والقضاء عليها .. يضاهي الاهتمام بالقضاء على قمامة الألفاظ والفحش في القول المتداول في الشوارع المصرية .. والقضاء على قمامة الفكر المتطرف الذي يؤدي إلى عدم الانتماء للوطن .. ولن يتأتى ذلك إلا بالاهتمام بمثل هذه الظواهر الاجتماعية ودراستها دراسة جادة على أسس علمية .. والتي لن يتم علاجها إلا مع بداية تربية خلقية سليمة لشباب مصر .. تقضي على قمامة الشارع وقمامة الفكر ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق