☀ ما هي خصائص الشخصية المصرية ؟ ❤ يجيب العالم الجليل الشهيد د / جمال حمدان فيقول :-
التدين على رأسها مردودًا لحضاراتها الزراعية، بكل ما يتصل بها من سمات الصبر والدأب والجلد والتحمل، ثم المحافظة نتيجة للاستقرار وبسببه، فالاستقرار استمرارية، والاعتدال وإن يكن غير بعيد عن المحافظة، ولكنه يوفر هامشًا معقولًا من المرونة والتلاؤم والتغيير والحيوية التي تضمن له على أقل تقدير القدرة على التطور البطيء، التطور خطوة خطوة وبالجرعات الصغيرة، وبالتالي تضمن له البقاء الطويل على المدى البعيد، وبحكم الاعتدال فالمصري أميل للشخصية الاجتماعية المنطلقة غير المنغلقة، كما أنه أجنح للتعاون منه للتنافس، ومن الاعتدال إلى الواقعية، فقد علمته البيئة والتجربة أي الجغرافيا والتاريخ احترام الواقع وعدم الانفصال عنه أو التناقض معه، وإلا فهو يهرب منه بالتدين أو يواجهه بالنكتة.
ومن المسلم به أن مصر لم تعرف كراهية الأجانب قط بحكم موقعها وسط الدنيا، لم تعرف العنصرية أو التعصب الجنسي، ولا تاريخها، ولقد رأينا كيف امتزجت العناصر فيها كيماوًيا، وذلك بفضل قوة امتصاص نادرة، ولعل الشيء نفسه يمكن أن يقال عن الناحية الدينية، فالتسامح الديني من أقدم خصائص المصري القديم، جعلته يتقبل الأديان ويقبل عليها على مر التاريخ، وليس صدفة على الأرجح أن مصر هي التي أضافت إلى المسيحية الرهبنة، وإلى الإسلام من بعدها التصوف، كما لم تعرف المذابح الدينية أو محاكم التفتيش، فقد جنب تعدد الأديان التعصب الديني وجعل التسامح ضرورة حياة، أما في الحضارة فلا يبرز في التفاعل مع الحضارة الغربية الحديثة، والمدنية المصرية اليوم تجسيم واضح لعناصر القديم والجديد، وريفنا بدوره يمثل تضاغطًا للتاريخ في أكثر من ناحية، فإلى جانب المحراث والشادوف وغيرها من أدوات القرن العشرين قبل الميلاد، نجد الجرار والخزان وغيرهما من نتاج القرن العشرين بعد الميلاد.
والواقع أن المثير حقًا في كل هذا هو كيف تتمتع مصر بنظرة عالمية رحبة الأفق “كوزموبوليتانية”، دون أن تفقد قوامها الذاتي، كيف أن الجوهر الدفين فيها لا ينسخ وإنما يتناسخ، ولكن يمكن أن نضعها كقاعدة إن مصر كلها زادت تغيرًا وتطوًرا زادت شخصيتها وذاتيتها تأكيدًا واستمراًرا، كأنما هي تجسيم للمثل لفرنسي المعروف (كلما تغير هذا كان نفس الشيء) حتى في الماضي البعيد مصر كانت “تمصير” كل جديد، تهضمه وتمثله وتفرزه كائنًا مصرًيا صميمًا الموجات الأجنبية ابتلعتها ومصرتها، الرعاة امتصتهم في قالبها الفيضي وصاروا زراعًا مستقرين، هذا عن مصر القديمة، أما اليوم فيقول «فيدون»: مصر عازفة عن أن تكون أي شيء إلا مصر, إن ملكة الحد الأوسط هي بوضوح كلمة المفتاح في شخصية مصر الحضارية، في مواجهتها للجميع، وفي التوفيق بين الماضي والحاضر، بين المحلية والعالمية، بين الأصالة والمعاصرة بين التراث والاقتباس.
قضية إعادة بناء الإنسان المصري هي ببساطة قضية هرم الديكتاتورية المصرية الغاشمة الجهول، ودك صرحها العاتي المتهرئ، وتصفية الطغيان الفرعوني المخضرم المتقيح البغيض تصفية أبدية، وهي قلعة الاستبداد المصري الشوهاء المشئومة، ومن هنا فحين يأتي الحديث عن إعادة بناء الإنسان المصري والشخصية المصرية من أعلى من وكر السلطة الغاضبة، فلكم يبدو حديث إفك حقًّا، ولكم يبدو منتهى السخرية وقمة الاستخفاف بالحق والعقل والعلم.
التدين على رأسها مردودًا لحضاراتها الزراعية، بكل ما يتصل بها من سمات الصبر والدأب والجلد والتحمل، ثم المحافظة نتيجة للاستقرار وبسببه، فالاستقرار استمرارية، والاعتدال وإن يكن غير بعيد عن المحافظة، ولكنه يوفر هامشًا معقولًا من المرونة والتلاؤم والتغيير والحيوية التي تضمن له على أقل تقدير القدرة على التطور البطيء، التطور خطوة خطوة وبالجرعات الصغيرة، وبالتالي تضمن له البقاء الطويل على المدى البعيد، وبحكم الاعتدال فالمصري أميل للشخصية الاجتماعية المنطلقة غير المنغلقة، كما أنه أجنح للتعاون منه للتنافس، ومن الاعتدال إلى الواقعية، فقد علمته البيئة والتجربة أي الجغرافيا والتاريخ احترام الواقع وعدم الانفصال عنه أو التناقض معه، وإلا فهو يهرب منه بالتدين أو يواجهه بالنكتة.
ومن المسلم به أن مصر لم تعرف كراهية الأجانب قط بحكم موقعها وسط الدنيا، لم تعرف العنصرية أو التعصب الجنسي، ولا تاريخها، ولقد رأينا كيف امتزجت العناصر فيها كيماوًيا، وذلك بفضل قوة امتصاص نادرة، ولعل الشيء نفسه يمكن أن يقال عن الناحية الدينية، فالتسامح الديني من أقدم خصائص المصري القديم، جعلته يتقبل الأديان ويقبل عليها على مر التاريخ، وليس صدفة على الأرجح أن مصر هي التي أضافت إلى المسيحية الرهبنة، وإلى الإسلام من بعدها التصوف، كما لم تعرف المذابح الدينية أو محاكم التفتيش، فقد جنب تعدد الأديان التعصب الديني وجعل التسامح ضرورة حياة، أما في الحضارة فلا يبرز في التفاعل مع الحضارة الغربية الحديثة، والمدنية المصرية اليوم تجسيم واضح لعناصر القديم والجديد، وريفنا بدوره يمثل تضاغطًا للتاريخ في أكثر من ناحية، فإلى جانب المحراث والشادوف وغيرها من أدوات القرن العشرين قبل الميلاد، نجد الجرار والخزان وغيرهما من نتاج القرن العشرين بعد الميلاد.
والواقع أن المثير حقًا في كل هذا هو كيف تتمتع مصر بنظرة عالمية رحبة الأفق “كوزموبوليتانية”، دون أن تفقد قوامها الذاتي، كيف أن الجوهر الدفين فيها لا ينسخ وإنما يتناسخ، ولكن يمكن أن نضعها كقاعدة إن مصر كلها زادت تغيرًا وتطوًرا زادت شخصيتها وذاتيتها تأكيدًا واستمراًرا، كأنما هي تجسيم للمثل لفرنسي المعروف (كلما تغير هذا كان نفس الشيء) حتى في الماضي البعيد مصر كانت “تمصير” كل جديد، تهضمه وتمثله وتفرزه كائنًا مصرًيا صميمًا الموجات الأجنبية ابتلعتها ومصرتها، الرعاة امتصتهم في قالبها الفيضي وصاروا زراعًا مستقرين، هذا عن مصر القديمة، أما اليوم فيقول «فيدون»: مصر عازفة عن أن تكون أي شيء إلا مصر, إن ملكة الحد الأوسط هي بوضوح كلمة المفتاح في شخصية مصر الحضارية، في مواجهتها للجميع، وفي التوفيق بين الماضي والحاضر، بين المحلية والعالمية، بين الأصالة والمعاصرة بين التراث والاقتباس.
قضية إعادة بناء الإنسان المصري هي ببساطة قضية هرم الديكتاتورية المصرية الغاشمة الجهول، ودك صرحها العاتي المتهرئ، وتصفية الطغيان الفرعوني المخضرم المتقيح البغيض تصفية أبدية، وهي قلعة الاستبداد المصري الشوهاء المشئومة، ومن هنا فحين يأتي الحديث عن إعادة بناء الإنسان المصري والشخصية المصرية من أعلى من وكر السلطة الغاضبة، فلكم يبدو حديث إفك حقًّا، ولكم يبدو منتهى السخرية وقمة الاستخفاف بالحق والعقل والعلم.