الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

أقولها ثانيةً..(لا لتأليه مرسي لا لتأليه البرادعي لا لتأليه السيسي )........ بقلم د.شهيرة عبد الهادي




تحدث الآن  مظاهرات ومجادلات ومشاجرات وتراشقات  بالألفاظ  الجارحة بين أطراف مختلفة  من أبناء الشعب الواحد  على صفحات التواصل الاجتماعي  وفي وسائل الإعلام المختلفة وعلى أرض الواقع  .. كما تحدث نداءات  للتأييد  إو الاستهجان  أو للمحاكمات  لشخصية أو لآخرى  بين أبناء شعب مصر الذي عاش طوال التاريخ الإنساني وهو مثال للإنسانية والوسطية  .. إحداها مؤيدة للدكتور مرسي .. والآخرى  مؤيدة للفريق أول السيسي .. والثالثة تتناقش حول مواقف الدكتور محمد البرادعي منها من يؤيده ومنها من يعارضه..  سبحان  الله  وكأننا  لا نتعلم  من الماضي .. وكأننا  لا نستلهم  دروس التاريخ .. إن  الثورات  تقوم  من  أجل  الفكِرة  من  أجل المبدأ  من أجل  الحرية  من أجل الكرامة   من  أجل العدل  من أجل  الإنسانية ..  لا من أجل الأشخاص .. واليوم أصبحت هناك صراعات   بين الأشقاء في مصر  وصلت إلى حد  الوعيد والتهديد .. كل فريق يتوعد  الآخر  إذا   ما    لحق  الشخصية   التي  يتبنى تأييدها أذى ..ما هذا .. هل سنعود ثانية لتأليه  الأشخاص  ..  إن تقييم أي شخصية  يجب أن يكون من خلال ما أعطته   لمصر  في إطار من المصداقية والوطنية لهذا  البلد المعطاء ..  إن  الكيان الوحيد الذي يجب أن ننظر له  بقدسية  هو مصر ..  قدسية   تراب مصر  قدسية  حب مصر .. لا تأليه  الأشخاص ..   إن كان شخص ما  قد  قام  بفعل   ما   لصالح مصر  فهو..بعد إرادة الله سبحانه وتعالى ..  المفروض أنه قد قام بذلك من واقع  واجبه الوطني  تجاه هذا الوطن   الذي تربى ونشأ في ربوعه  وأحضانه والذي كوّن  شخصيته  وجعل منه شخصاً مسؤولاً  في مكانةٍ ما.. إن تقييم كل شخصية  يجب أن يكون في إطار الحُكم على مدى نجاحها  في تحقيق  أهداف  ثورة 25 يناير 2011  ومدى تحقيق أحلام الشعب المصري .. وليس في إطار تحقيق أهداف  شخصية ضيقة  لفريق أو حزب أو جماعة .. وإنما في إطار تحقيق   أحلام الشعب كله .. إن تقييم أي شخصية أراد لها الله سبحانه وتعالى أن تتحمل تبعة مسؤولية  الشعب المصري الصبور المكافح يجب أن يكون  من منظور مدى   تحمله لهذه المسؤولية والقيام بها على أكمل وجه  في حدود ما أتيح له من إمكانات وإمكانيات لشعب بأكمله   .. ولا يجب بأي حال من الأحوال .. أن يتحارب  الأشقاء  والإخوة   في الله  ثم في حب مصر  على شخص ما .. ولا يجب أن يكون جُل الاهتمام  منهم  هو  رفعة هذا الشخص  ..ولا تنسوا أن من خصائص الشعب المصري أنه شعب ذكي .. فهو  من الممكن أن يرفع شخصية ما إلى سابع سماء في حالة رضاه عنها ..  ثم هو  نفسه من يخسف بهذه الشخصية إلى سابع أرض إذا ما غضب عليها  والأمثلة في التاريخ  كثر وتقول ذلك .. فلنكن عقلاء .. ولا نؤله   الدكتور مرسي ونعتبره  ناشر الإسلام في مصر ..ولا نؤله الفريق أول السيسي  ونعتبره  الزعيم الأوحد في مصر.. حتى وإن كان الشعب يبحث فيه عن الزعيم   وهو يمسك بذيله طواعية  ليتحمل عنه المسؤولية  ويكون جُل اهتمامه أن يُسبغ عليه لقب مشير  حتى ولو استحقه وحتى لو  كانت المرحلة التي نمر بها مرحلة  خطيرة  فهذه خطيئة .. ولا نلجأ إلى تأليه   الدكتور محمد البرادعي  باعتباره أيقونة الثورة حتى وإن كان هو كذلك.. لكن  نحترمهم و ندرس ما أعطوه لبلدهم  بحيادية وموضوعية وإنصاف  بقدر الطاقة البشرية  فالعدل المطلق هو لله .. ولذلك .. فـ لا  لتأليه  الدكتور مرسي ولا لتأليه الفريق أول السيسي ولا لتأليه  الدكتور محمد البرادعي .. والقدسية كل القدسية لمصر وشعب مصر.. ولا نريد تكوين فراعين جدد في مصر.. وإلا  فخسارة فينا منحة الله سبحانه وتعالى التي منحنا إياها  في ثورة 25 يناير التي أسقطت الكثير من الأقنعة .. والتي تعطينا دروساً  يوما بعد يوم .. وتحيا هذه الثورة التي تعلمنا يوما بعد يوم أن البقاء  هو للمبدأ .. للقيمة  للعطاء..  وليس للأشخاص  .. فـ الأشخاص زائلون  ومصر هي الباقية .. وأتمنى  أن تكون النقاشات و الخلافات بين أبناء البلد الواحد  في ضوء ما تحقق من أهداف  الثورة (  الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية  والكرامة الإنسانية ) .. وألا تكون الخلافات و الاختلافات من أجل الأشخاص ومن أجل  الكراسي ومن أجل السلطة .. وأكررها كما قلتها سابقاً  .. ضعوا أمام أعينكم .. ما حدث في العراق وأفغانستان  وسوريا  وليبيا والعراق .. ولنعلم جميعاً أن الثورات لا تموت   لأنها  فكرة  ومبدأ  بينما  الأشخاص  يموتون حتى وهم على قيد الحياة  إذا كانت  أدوارهم تؤدي إلى التفرقة والتشرذم  بين أبناء الشعب الواحد  ولا تؤدي إلى تحقيق  أهداف الثورات وأحلام الشعوب وإذا لم تكن لديهم رسالات واضحة ورؤى قابلة للتحقق على أرض الواقع وإذا لم تكن لديهم أفكاراً ومبادئ ثابتة  قابلة لتفعيلها من أجل تقديم الخدمات لشعوبهم وتوفير الأمن والأمان لهم  ..  ويجب أن يتوحد جميع أبناء مصر بمختلف دياناتهم ومعتقداتهم وأيديولوجياتهم وانتماءاتهم  وأحزابهم  من أجل  شعب مصر.. ويجب أن ينتبه شعب مصر أنه يدفع من قوت يومه ثمناً  لتأليه الأشخاص  .. فليجعل هذا الثمن مدفوعاً من أجل الفكرة والمبدأ من أجل الرسالة والرؤية  وليس من أجل الأشخاص ..
===========
د.شهيرة عبد الهادي