الأحد، 21 يوليو 2013

حوار مع أعرابي أضاع فرسه ........ لـ .. نزار قباني .. شاعر الحب والحرية


حوار مع أعرابي أضاع فرسه.................شعر :: نزار قبانى

لو كانتْ تسمعُني الصحراءْ

لطلبتُ إليها أن تتوقّف عن تفريخِ ملايينِ الشعراءْ

وتحرِّر هذا الشّعب الطيّبَ من سيفِ الكلماتْ

ما زلنا منذُ القرنِ السّابعِ ، نأكلُ أليافَ الكلماتْ

نتزحلقُ في صمغِ الرّاءاتْ

نتدحرجُ من أعلى الهاءاتْ

وننامُ على هجوِ جريرٍ

ونفيقُ على دمعِ الخنساءْ

ما زلنا منذ القرنِ السابعِ .. خارجَ خارطةِ الأشياءْ

نترقّبُ عنترةَ العبسيَّ .. يجيءُ على فَرَسٍ بيضاءْ

ليفرِّجَ عنّا كربتَنا .. ويردَّ طوابيرَ الأعداءْ ..

ما زلنا نقضمُ كالفئرانِ .. مواعظَ سادتِنا الفقهاءْ

نقرأُ (معروفَ الإسكافيَّ) ونقرأُ (أخبارَ الندماءْ)

ونكاتَ جُحا ..

و (رجوعَ الشيخِ) ..

وقصّةَ (داحسَ والغبراءْ) ..

يا بلدي الطيّبَ ، يا بلدي

الكلمةُ كانتْ عصفوراً ..

وجعلنا منها سوقَ بغاءْ ..

2

لو كانتْ نَجدٌ تسمعُني

والربعُ الخالي يسمعني

لختمتُ أنا بالشّمعِ الأحمرِ سوقَ عُكاظْ

وشنقتُ جميعَ النجّارينَ .. وكلَّ بياطرةِ الألفاظْ

ما زلنا منذُ ولادتِنا ..

تسحقُنا عجلاتُ الألفاظْ

لو أُعطى السّلطةَ في وطني

لقلعتُ نهارَ الجمعةِ أسنانَ الخُطباءْ

وقطعتُ أصابعَ من صبغوا .. بالكلمةِ أحذيةَ الخُلفاءْ

وجلدتُ جميعَ المنتَفعينَ بدينارٍ .. أو صحنِ حساءْ

وجلدتُ الهمزةَ في لغتي .. وجلدتُ الياءْ

وذبحتُ السّينَ .. وسوفَ .. وتاءَ التأنيثِ البلهاءْ

والزخرفَ والخطَّ الكوفيَّ ، وكلَّ ألاعيبِ البُلغاءْ

وكنستُ غبارَ فصاحَتنا ..

وجميعَ قصائدنا العصماءْ ..

يا بلدي ..

كيفَ تموتُ الخيلُ .. ولا يبقى إلا الشعراءْ ؟

3

لو أُعطى السُّلطة في وطني

أعدمتُ جميعَ المنبطحينَ على أبوابِ مقاهينا

وقصصتُ لسانَ مغنّينا

وفقأتُ عيونَ القمرِ الضاحكِ من أحزانِ ليالينا

وكسرتُ زجاجتَهُ الخضراءْ ..

وأرحتُكَ يا ليلَ بلادي ..

من هذا الوحشِ الآكلِ من لحمِ البُسطاءْ ..

4

يا بلدي الطيّبَ .. يا بلدي

لو تنشفُ آبارُ البترولِ .. ويبقى الماءْ

لو يُخصى كل المنحرفينَ .. وكلُّ سماسرةِ الأثداءْ

لو تُلغى أجهزةُ التكييفِ .. من الغرفِ الحمراءْ

وتصيرُ يواقيتُ التيجانِ .. نعالاً في أقدامِ الفقراءْ ..

أو أملكُ كرباجاً بيدي ..

جرّدتُ قياصرةَ الصحراءِ من الأثوابِ الحضريَّهْ

ونزعتُ جميعَ خواتمهمْ

ومحوتُ طلاءَ أظافرهمْ

وسحقتُ الأحذيةَ اللمّاعةَ .. والسّاعاتِ الذهبيّهْ

وأعدتُ حليبَ النُوقِ لهمْ

وأعدتُ سروجَ الخيلِ لهمْ

وأعدتُ لهم ، حتّى الأسماءَ العربيّهْ

5

لو يكتُبُ في يافا الليمونُ .. لأرسلَ آلافَ القُبلاتْ

لو أنَّ بحيرةَ طبريّا ..

تُعطينا بعضَ رسائلِها ..

لاحترقَ القارئُ والصفحاتْ ..

لو أنَّ القدسَ لها شفةٌ ..

لاختنقت في فمها الصلواتْ

لو أنَّ .. وما تُجدي (لو أنَّ) .. ونحنُ نسافرُ في المأساةْ

ونمدُّ الأرضَ المحتلّهْ .. حبْلاً شعريَّ الكلماتْ

ونمدُّ ليافا منديلاً طُرِّزَ بالدمعِ .. وبالدعواتْ

يا بلدي الطيّبَ .. يا بلدي

ذبحَتْكَ سكاكينُ الكلماتْ

الحب فلسفة حياة ............د.شهيرة عبد الهادي

لماذا نكره .. إذا كان في إمكاننا أن نُحب .. لماذا  نبذل  طاقة  في كراهية  الآخرين .. إذا كنا قادرين على بذل نفس القدر من الطاقة في  حبهم .. لماذا  نجعل  نفوسناً أسيرة  الكراهية  وعبدة له .. ما دمنا قادرين على أن نجعلها أسيرة الحب .. لماذا نبذل جهداً في الكره .. ونحن قادرون  على أن نبذل  مثل ذلك الجهد وأكثر  في الحب .. إن الحب من شأنه أن يُعطيك  الطاقة   دون أن تبذل  أنت مجهوداً في ذلك .. إن الحب يمنحك  الجهد  التلقائي الذي تسعد به وأنت تحب دون أن تشعر أنك قد بذلت جهداً .. إن الحب يجعلك تتنفس عبق الحياة وأفق  تلاقي النبل من الأخلاق  والأجمل من القيم .. إن الحب  يوصل   شفق   اليوم  بغسقه  في تلاقي الأرواح المجندة حينما يحب المحبوب حبيبه  في إطار من  حب الله  وفيه ومنه وله ..وسبحان من جعل بذرة الحب  بين  المحبوبين هي الرحمة والمودة .. ويا الله  على ما تحمله هاتين الكلمتين من معاني فكرة الحب .. فـ  الحب يُنعم  على الإنسان بقبلة الحياة  طهرأً وعفافاً ونقاءً  وإخلاصاً ورحمة ومودة ووئاما وعطاءاً وسلاماً ..  إذاً : لماذا نحيد مشاعرنا تجاه  البعض ممن هم  حولنا بدعوى أنهم لا يستحقون الحب إذا كنا قادرين على أن ندرب أنفسنا على حب ما فيهم من جوانب إيجابية .. إن  الحب فكرة .. نعم   فكرة .. يضعها  الله  في قلب المحب لمحبوبه .. نعم فكرة.. صفاتها الطهروالنقاء والعفاف والغني والمودة والرحمة والإيثار .. إن الحب فكرة.. جوهرها البعد عن كل ما هو مادي  ملموس  إلى  ما هو روحاني شفاف  محسوس .. ليس لبعد ملائكي  في النفس البشرية  وإنما هو في إطار جزء ملائكية  البشر  التي منحها   الله  للنفس البشرية   المخلصة المؤمنة  حينما  منحها الله حبه لهم  وطالبهم بنشر تلك الفكرة  ..  إن الحب   بهذا المعنى  فكرة ومضمون  لا يشوهها  إلا تفكير من أراد أن يجعل نفسه عبداً وأسيراً  للكراهية .. كما أن الحب بذرة من جنة الله يغرسها في قلب من يحب من عباده .. إن الحب هو فلسفة حياة  فلنحاول عن طريق التمسك  بملائكية الفكرة التغلب على شيطانية نفس الفكرة بأنانية  النفس  في تطبيقها  داخل كل منا والعمل على تحويلها عن مسارها  الطبيعي .. قد يبدوا  ذلك صعب التطبيق لدى البعض  في إطار نظرته  إلى  النفس البشرية  على إنها متقلبة  الهوى مع متغيرات الحياة  وكل منا قد تعرض لذلك .. لكن بالإيمان  وبالتدريب  والتأكيد  على الجوانب الإيجابية في الشخصية الإنسانية  سنُحب  الحبيب ونُحب الجميع وقبل ذلك وبعده سنُحب الله .. وذلك  بأن نتبنى   فكرة الحب كما  طالبنا بها   الله سبحانه وتعالى  فيه ومنه وله .. وهنا أتذكر مقولة لي أحبها  وأحب ترديدها .. وهي .. سيظل قلبي قلب محب .. وسيظل  قلبي قلب  طفلة صغيرة .. فـ أنا  لا أستطيع  أن  أحيا بدون حب .. وسأحاول أن يكون عقلي حكيماً حتى أعيش فكرة الحب ولا أجعلها  تبتعد عن مسارها الإلهي ..
-----------------------
د.شهيرة عبد الهادي 
21 /7  /  2013 مـ 
12 رمضان 1434 هـ