أحد أسباب عدم توفيق الدكتور مرسي والإخوان .. وأقول : أحد الأسباب .. أنهم كانوا قد قاموا بإقناع الشعب المصري .. بأنهم هم الفئة المسلمة الوحيدة التي ستطبق مفهوم الإسلام الصحيح في الحكم داخل مصر .. وكنت أسمع هذه الكلمات بقوة من حيث الكم والكيف بمعنى الاقتناع التام بها .. وأنا أقف في طوابير الانتخابات البرلمانية الخاصة بمجلس الشعب والآخرى الخاصة بمجلس الشورى والأخيرة الخاصة بالانتخابات الرئاسية .. بل أنني قد سمعتها قبل ذلك بكثير في استفتاء 19 مارس 2011 الخاص بالتعديلات الدستورية حينما كان يتم إقناع الشعب بأن من سيقول " نعم " على الاستفتاء فإنه مع الدين وسيدخل الجنة أما من يقول على الاستفتاء " لا" فإنه ليس مع الدين وسيدخل النار ثم بعد ذلك ما قيل عن غزوة الصناديق وما أدراك بغزوة الصناديق .. ثم تجلى ذلك في أقوى صوره حينما انتخب الشعب مرشحي حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان المسلمين في انتخابات مجلسي الشعب والشورى .. كما تجلى ذلك الاعتقاد أيضاً عند الشعب المصري في الانتخابات الرئاسية حيث قام الكثير من الشعب بانتخاب الدكتور مرسي بالإضافة إلى فئة عاصري الليمون على اعتقاد منهم بأنه الرجل المسلم الذي سيحكم بالعدل والقسط وسيقوم بالتطبيق الفعلي لمفهوم صحيح الإسلام و اعتقادهم بأن من عانى من الظلم ومن ذاق الظلم والاضطهاد فلن يمارسهما إطلاقاً مع شعبه هذا بالإضافة لأنهم كانوا لا يريدون شفيق باعتباره امتداداً لنظام مبارك .. لكن في الحقيقة .. فإن التجربة الفعلية لحكم الدكتور مرسي والإخوان على أرض الواقع في مصر قد أثبتت عكس ذلك .. فقد خزل الدكتور مرسي الشعب حيث لم يقم بحل مشكلاته حتى ولو حل جزء بسيط من مشكلاته المتعددة ولم يتحقق العيش ولم تتحقق الحرية ولم تتحقق العدالة الاجتماعية أما الكرامة فهي ترتبط بالحرية .. وللأسف حتى الجانب الديني لم يتحقق فلم تتحقق الشريعة ولم يتم تطبيق أخلاقيات الإسلام في المعاملات والتعاملات .. من الممكن أو من الأكيد أن الدكتور مرسي قوبل أثناء حكمه بالعديد من الإعاقات والعقبات حالت دون تحقيق أهدافه وهذا أمر متوقع فإن كل نظام جديد له أعدائه من النظام القديم أو السابق .. لكن مما لا شك فيه أنه هو المسؤول الأول هو وجماعته وحزب الحرية والعدالة الإخواني والإخوان فيما آلت إليه الأمور من الفشل في إدارة الدولة بسبب مواقفهم وتصرفاتهم في معالجة الأمور وبسبب مواقفهم العدائية من معظم مؤسسات الدولة كالقضاء والإعلام والشرطة والأزهر - أما بالنسبة لـ "الدكتور مرسي" كشخصية - فأنا على المستوى الشخصي أراه " رجل طيب" - لكن ليست بالطيبة وحدها تدار أمور وشؤون البلاد والعباد .. ولذلك فقد كانت أكبر الإعاقات هي تدخل الإخوان المسلمين والجماعة والمرشد العام في كل قراراته .. لقد أساء قادة الإخوان إلى الدكتور مرسي كما قد أساءوا إلى الدولة والشعب لأنهم لم يهتموا فقط إلا بتغطية كل أعمالهم بغطاء ديني لكي يصلوا إلى تحقيق أهدافهم من الوصول إلى مجلس الشعب ومجلس الشورى وأيضاً كرسي الرئاسة وإقامة التمكين وورطوا الدكتور مرسي معهم كما أنه هو نفسه من ترك نفسه لهم أيضاً فقد قالها صراحة مذاعة على الهواء مباشرة " أن تربيتي وفكري وعقيدتي هي في مدرسة الإخوان ومن الصعب التخلي عنها أو الانفصال عنها " .. ولذلك كانت القرارات مرتبكة يؤخذ القرار صباحاً ويتم نفيه مساءً لأن قراره لم يكن قراره .. ومن هنا بدأت المشكلة كما أن عدم الصدق والإخلاص في تطبيق ما وعدوا به الشعب من حل مشكلاته في إطار مفهوم الإسلام الصحيح لم يتم .. وأي عمل لا يتصف بالصدق والإخلاص لوجه الله تعالى ثم من أجل مصلحة الوطن فلن يصل إلى الشعب .. وهذا ما حدث فعلاً فلم يصل أي عمل من أعمالهم إلى الشعب .. نعم لم يحدث ولم يصل للشعب ما كانوا يعتقدونه ويتمنونه كشعب في أن الدكتور مرسي والإخوان هم المنقذين لهم من فساد نظام مبارك وأنهم سيطبقون مفهوم صحيح الدين .. بل بالعكس فقد شعروا أنهم أمام نظام مبارك آخر ولكن في هذه المرة بغطاء ديني .. غطاء ديني كان يستخدمه الإخوان للوصول إلى الحكم والتمكين بالإضافة إلى حلم الخلافة الإسلامية لديهم .. عموماً لعلها تجربة خير لمصر كلها يستفيد منها الجميع في ضوء سقوط كل الأقنعة تباعاً - وإن كنت لا أؤمن بالتجريب في الشعوب - لكن ما كان قد كان - وعلينا الاستفادة منه لابد من التأريخ والاستفادة من حقب التاريخ وما حدث فيها .. مع ملاحظة أن الذي عانى الأمرين من أعصابه ونفسيته وقوت يومه وعدم استقراره وعلى حساب عدم تحقيق آماله ومعاناته لآلامه هو الشعب المصري المثابر الصبور والذي ترجم كل تلك المشاعر المؤلمة التي عاناها إلى ثورته على نظام الدكتور مرسي والإخوان في 30 يونيو 2013 مـ والتي انتهت بعزل الدكتور مرسي وحكمه ونظامه واستبعاد الإخوان من حكم مصر في 3 / 7 / 2013 مـ بعد سنة وثلاثة أيام من حكم الإخوان لمصر .. ألا يتعظ من يريد حكم مصر ثانية ..
--------------
د.شهيرة عبد الهادي
16 / 7 / 2013 مـ
--------------
د.شهيرة عبد الهادي
16 / 7 / 2013 مـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق