بالأمس كانت عبّارة الموت..واليوم..قطار الموت..لقد هانت الأرواح..(بقلم د.شهيرة عبد الهادي)
===============
إن مأساة قطار الموت .. واستشهاد التلاميذ الذين في عمر الزهور في حادث تصادم قطار أسيوط مع الحافلة التي كانت تُقل هؤلاء الزهور على مزلقان لم يتم إغلاقه نتيجةالإهمال الجسيم وعدم الإصلاح وعدم الصيانة المتكررة والواجبة .. والذي بلغ عددهم 51 تلميذا و 11 جرحى .. لهي من المآسي التي تترك آثاراً مؤلمة على نفسية كل أم وكل أب وكل إنسان وكل إنسانة .. تلك الآثار المؤلمة من الصعب علاجها والتخلص منها في فترة وجيزة .. خاصة بعد مشاهدة القطار وعليه دماء هؤلاء الزهور وأشلائهم المتناثرة الملتصقة بمقدمة القطار .. إن بعض الأسر قد فقدت ثلاث وأربع من أبنائها في نفس اللحظة في هذا الحادث المأساوي .. لقد شاهدتُ ذلك في وسائل الإعلام المختلفة .. وعادت بي الذاكرة .. إلى أحداث عبارة الموت .. وكأن التاريخ يُعيد نفسه .. بالأمس كانت عبارة الموت .. واليوم قطار الموت .. وكل منهما معه ..ماتش كورة.. والدولة والشعب يحتفلان بماتش الكورة .. يا الله .. هل هذا إصرار .. على أن أرخص دم هو دم المصري .. يتم الإعلان عن أن ثمن الشهيد 4 آلاف جنيه ..إلى هذا الحد هانت أرواح أبناء مصر.. لقد قالها ابن الصعيد لمحمود سعد على قناة النهار : (البقرة اللي بـ أذبحها ثمنها 12000 جنيه .. وعندما يجئ لنا زائر .. نذبح له " عجلاً" بـ 20000 جنيه "وياخد واجبه ويمشي ".. إحنا مش عاوزين فلوس .. واحذرونا .. إحنا ممكن نُسقط النظام في ثلاثة أيام وليس في 18 يوم .. الكهرباء عندنا والسياحة عندنا .. اتقوا شر الصعيد .. إحنا مش حناخد عزاء في عيالنا .. اعتبره تهديد .. اعتبره إنذار .. إعتبره زي ما تعتبره ..) .. هذه الكلمات التي قالها الصعيدي الذي فقد فلزات كبده .. ألا تُحرك فيكم ساكناً .. .. وأرجوا ألا أجد من يخرج عليَّ ليقول .. لا تردّدّين .. هذه الأقاويل .. وإنها من الإعلام الفاسد .. وكل تلك الكلمات الكلاسيكية التي سئمنا منها ومن ترديدها .. ما هذا الإهمال الجسيم .. عفواً .. سعادة الرئيس..عفواً سعادة المسؤولين يا كل المسؤولين .. تحياتي لجميع أهل غزة وتحياتي لجميع أهل سوريا.. وسنساعدهم ونقف بجوارهم لأن هذا واجبنا وهذا قدر مصر .. لكن ضحايا القطار يا سعادة الرئيس لم يجدوا مزلقاناً جيداً تتم صيانته بصفة دورية .. ويتم تحديثه بصفة دورية .. ويتم غلقه في الوقت المناسب ..قبل أن يتم قتلهم على قضبان هذا المزلقان وعلى قضبان سكك حديد مصر .. لم يجدوا مهندسي مصر الأكفاء يقومون بالإشراف الدوري على سكك حديد مصر وصيانتها وتحديثها لتأمين غلق مزلقاناتها .. أيضاً لم يجدوا مستشفى مجهزاً لكي يتم علاجهم فيه .. لم يجدوا حقن بيكربونات الصودا ..أليس كان من الأجدر على مجموعة المهندسين التي تضم أكبر الكفاءات من مهندسي مصر والتي تقوم الآن بزيارة غزة و تقديم المساعدات لغزة ..أن تقوم بإصلاح جميع مزلقانات مصر أيضاً .. أليس كان من الأجدر أن تقوم القوافل الطبية التي تزور غزة وتقدم لها المساعدات أن تقوم بتوفير حقن بيكربونات الصوديوم التي تحتاجها المستشفيات أيضاً.. أليس كان من الأجدر هو تحقيق أحلام الشعب في الأمن والأمان قبل تحقيق أحلام الحُكّام ..أليس كان من الأجدر أن نحقق لهذا الشعب الغلبان الصبور المكافح الذي أوصل الجميع إلى كرسي الحكم والمسؤولية حُلم العيش في أمن وأمان .. أليس كان من الأجدر القيام بإعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة .. أليس كان من الأجدر القيام بإصلاح مزلقانات السكة الحديد كلها في مصر وإحكام إعلاقها والحفاظ على أرواح أبنائنا .. إن هذا والله لأهم من إغلاق المواقع الإباحية التي تشغلنا الآن .. أو قل إجعلهما على قدم المساواة من الأهمية .. يا الله .. أليس كان من الأجدر الحفاظ على أرواح أطفالنا الذين يستقّلون حافلة عن طريق تأمينها .. إن هذا والله لأهم من الحفاظ على موكب الرئيس أو أي مسؤول وتأمينه أو قل إجعلهما على قدم المساواة من الأهمية .. أليس كان من الأجدر القيام بمشاركة أهالي الشهداء أحزانهم وآلامهم في فقدانهم لفلزات أكبادهم ..إن هذا والله لأهم من التهنئة بكأس أفريقيا أو حنى كأس العالم أو قل إجعلهما على قدم المساواة من الأهمية .. أليس كان من الأجدر أن نقوم ببناء مستشفىات مُجهزة تجهيزاً كاملاً لاستقبال المرضى والضحايا في مثل هذه الكوارث المؤلمة .. إن هذا والله لأهم من بناء مسجد أوكنيسة أو قل إجعلهما على قدم المساوة من الأهمية .. أليس للموت حُرمة..أليس للدم حُرمة.. إلى هذا الحد هانت الأرواح ..يا الله .. أليس كان من الأجدر تطبيق مبدأ المحاسبية لكل مسؤول أمام شعبه وأن هذا من الأهمية بمكان .. يا الله ..هل نسيتم عبارة الموت عندما تركها رئيس البلاد وذهب ليشاهد ماتش الكورة مع سيدة مصر الأولى أنذاك.. هل نسيتم أن فعلته هذه هو وزوجته كانت مقدمات لثورة 25 يناير 2011 مــ ..
------------------
د.شهيرة عبد الهادي
الأسكندرية
18 /11 /2012 مـ
مصر الغالية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق