الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

لذة الألم ونهاية الطريق ..بقلم خالد حسن النقيب


لــذة الألــم.. ونهــايــة الطــريــق
حكاية يكتبها : خالد حسن النقيب
أنا امرأة كتبت عليها الأقدار أن تعيش مأساة حقيقية مع رجل ليس في قلبه أي مشاعر آدمية تزوجته و سعيت معه إلي بيتنا الجديد تسبقني أحلامي بالسعادة و الدفء الأسري و الأمومة و الأولاد.
لكن انهارت كل أحلامي علي صخرة واقع مرير عشته سنوات طويلة مع زوجي الذي لم يكن ينظر لي إلا علي أني جارية يشبع رجولته مني كلما أراد و كيفما يتراءي له.
كرهت نفسي و كرهت أنوثتي التي جعلتني ملكا لرجل لا يستطيع كبح جماح غرائزه الحيوانية التي قد تصل إلي حد التعذيب السادية المفرطة.
حاولت أن أهرب من بيته و نيران العيشة الملتهبة معه و لكن أهلي أعادوني إليه( مجرورة)كالبهيمة التي ليس لها أن تعترض علي من يذبحها بكل قسوة.
كانت رؤية والدي أنه ليس هناك طلاق في عائلتنا مدعيا أن المرأة عليها أن تتحمل من أجل استمرار حياتها و حتي لا يتهدم بيتها.
و لم تكن تلك الرؤية هي الحقيقة ولكنه يخشي من طلاقي أن أعود إليه و يتحمل مسئوليتي من جديد و هو الذي ألقي بي لأول رجل أشار له يطلبني و لم يكن مهما ساعتها أن يسأل عنه أو يطمئن علي مستقبلي معه المهم أن يخف الحمل الثقيل من علي كاهله و يتفرغ لباقي اخوتي السبعة الذين يثقلونه باحتياجاتهم.
و عدت إلي بيت زوجي أو سيدي مالك أمري أتجرع آلام الحياة معه بلا قلب أو إحساس يضربني بقسوة و كأنه يجلدني و تتحشرج الصرخة في حلقي حتي تختنق أنفاسي و أوشك علي الموت و ساعتها يكون قد ارتوي مني و أشبعته صرخاتي المكتومة فتنتفخ أوداجه في رجولية المنتصر و اعتزازا بذكوريته المعذبة.
كجثة بلا روح تعايشت مع حياتي و لم يخفف عني وطأة الحياة القاسية سوي أولادي فقد رزقني الله بابنتين وولد كانوا لي الأمل و العوض عن كل شيء و لشد ما كان عذابي عندما كانوا يروني و أباهم يضربني بقسوة و لو اعترض واحد منهم يناله من وصلة التعذيب ما قد يهلكه.
سنوات طويلة مضت و نحن علي هذا المنوال حتي سقط زوجي مريضا و انهار جبروته مع سطوة المرض الذي أخذ ينهش فيه و ينشب أنيابه في جسده حتي أنه كان يصرخ بكل قوته.
كنت أنظر إليه و كأني أري من يمسك بسوط و يجلده كما كان يجلدني و أتلذذ لصراخه كما كنت أتألم لصراخي و هو يجلدني.
و لكني نظرت لأولادي و الحال الذي وصلوا إليه من الضياع بسبب حالتهم النفسية المتردية التي جعلت ابني الأكبر يختلط مع أصدقاء السوء و يدمن المواد المخدرة و بناتي يفوتهن قطار الزواج لعجزي عن تجهيزهن كأي أم تجهز بناتها.
قررت أن أتخلي عن التشفي في زوجي الظالم و بدأت أتعامل معه علي أنه إنسان ضعيف متهالك و كأنه رجل آخر ليس ذلك الذي كان يعذبني.
أراه ينظر إلي مغرورقة عيناه بالدمع في توسل و استعطاف يرجو صفحي قبل أن تباغته الدنيا بالنهاية.
و لكني لم أستطع الصفح لم تقدر نفسي عليه و وجدت أن هناك مسئولية ملقاة علي عاتقي تجاه أولادي و خرجت للعمل لأوفر لهم باب الرزق و أقضي لهم قوت اليوم و احتياجات الحياة.
كان الشقاء صعبا علي و لكني بإرادة قوية قررت أن أصمد و من بيت لبيت و من مشغل لمصنع كنت ألتقط لقيماتي و أولادي و لكن بعد مرور وقت لم يكن بالطويل ضعفت صحتي و بت لا أقوي علي العمل و لا تدبير نفقاتنا و علاج زوجي الذي كان باهظا إلي حد كبير.
اسودت الدنيا في وجهي و قررت أن أكتب لك لعلي أجد لديك بصيص أمل أسترشد به.
م ـ ن ـ ل ـ القاهرة
ترفقي بنفسك سيدتي فأنت من الممتحنين في الدنيا و التجربة القاسية التي عشتها جعلت منك أكثر قوة و صلابة بدليل أنك لم تتركي نفسك لإحساس الشماتة و التلذذ لآلام زوجك الذي استمرأ تعذيبك سنوات طويلة و عليك أن تعرفي أن هناك مسئولية ملقاة علي عاتقك هي أولادك لابد أن تحيطيهم برعايتك و اهتمامك قبل أن يضيعوا و يضيع معهم كل شيء.
و ربما كانت مأساتك درسا يستوعبه كل رجل قاس ظالم لا يعرف حق زوجته عليه في المعاشرة بالمعروف و الصحبة الجميلة و النفقة والكسوة والسكني و إذا كانت الزوجة عاصية له عليه أن يؤدبها ويعلمها أمر دينها وما تحتاجه في عبادتها قال تعالي(( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا))( سورة التحريم16) أي علموهم وأدبوهم وعليه أن لا يشتمها ولا يسبها ولا يقبح ولا يهجر من دون سبب فإن حصل نشوز منها وعظها فان أصرت هجرها في المضجع ما شاء فإن أصرت ضربها ضربا غير مبرح فإن كان نشوزها لتركه حقها ألزم بما عليه ثم هي بما عليها وإن كان معه سواها وجب عليه أن يعدل بينهن في القسم والنفقة والكسوة والمسكن والسفر فلا يخرج بواحدة منهن إلا بإذن البواقي أو بقرعة وله أن يستمتع منها بما أباحه الله ورسوله استمتاعا لا يضرها في دينها ولا بدنها وله السفر بلا إذنها.
و فيما يخص ابنك فهناك مستشفيات لعلاج الإدمان تعني بمثله و تساعده علي الشفاء من هذا الداء اللعين.
و أضم صوتي لصوتك و أناشد الدكتور جلال مصطفي سعيد محافظ القاهرة أن يوفر لك رخصة لكشك تتعايشين منه أنت و أولادك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق