الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

االخبز مرمي في الطين والأحذية محفوظة في الفتارين .............. بقلم د.شهيرة عبد الهادي

عندما يكون رغيف الخبز مرمي  على الأرصفة في الشوارع  والأحذية مُلَّمعة نظيفة  ومُصانة في الفتارين ..عندما يكون الخبز مرمي في الطين  والأحذية محفوظة في الفتارين .. فلا تحدثني .. عن تحقق مبادئ ثورة  استشهد من أجلها  أنبل  شباب هم من خرجوا يوم 25 يناير2011مـ  بالتحديد .. لاتحدثني عن  تقدم  عن نمو  عن ثقافة  ..عن تعليم ..عن تعلم .. عن سلوك ..عن أخلاق ..عن سمو ..عن رفعة ..عن اقتصاد..عن صحة.. عن حصانة نفسية لشعب ..هي مسؤولية كل من تولى أموره في جميع المجالات  المختلفة بل يزيد.. إذا انقلبت  المعايير وازدوجت وتشوهت وتفلطحت وانبطحت.. وبعد ذلك  تفاجئ  بأن أصدقاء الأمس هم أعداء اليوم  وأعداء الأمس هم أصدقاء اليوم  .. لا  لشئ   سوى لما حدث بينهم من صراعات وتقاربات وتواءمات وتفاهمات .. من  أجل الكراسي والمناصب والمغانم .. فلا تسأل عن مستقبل لبلد نتمناه فريد  .. صراعات  الأفيال .. ولن أقول العمالقة .. فالعملاق   له مواصفات تختلف تماماً عما يدور الآن من صراعات  النفوس والفلوس والنفوذ .. التي أربكت العقول وحيّرت  من الفكر الفحول.. وبعدت كل البعد عن كل ما هو نفيس وفريد  .. وما بين رغيف الخبز المرمي في التراب  على الأرصفة  والأحذية المُلمَّعة المصانة في الفتارين  مواقف ومواقف .. وأحداث وأحداث .. لا تعرف عنها  الكثير  من التفاصيل أو ما يوضح لك الطريق من معرفة الصادق  وغير الصادق من الأنباء..بل بالعكس كل ما تعرفه هو المشوه من : المواقف ..الأحداث ..الأنباء..  وكل ما تم معرفته :  عقول  لا تعرف  ما برأسها يدور .. وفكر يتصف عادة  بالجموح الذي بالشعب يدور .. وغباء سياسي مستغلاً ما عند الشعب من مثابرة وهو يعيش في ثبور.. أطفاله  عرايا جائعين يعيشون  تحت الكباري وفي  القبور ..شعب سرقوا منه الفرحة ومازال يحيا وهو في فلك الحياة يدور ويدور .. يبحث عن حقوق شهداء  كانوا يحلمون  بالحرية لمصر فيما هو آت من عصور .. ولقمة خبز نظيفة ليست مرمية على الرصيف الذي عليه دوامات التراب تدور .. فتكسوا   الخبز غبار يعتقده المحروم  من حبة البركة هو مبدور .. شعب كان يحلم  بـ علم ..تعليم .. بحث علمي .. في معامل  فيها التست تيوب مملوء  بالمواد الكيميائية تتفاعل مع بعضها تذوب ..تعطي لنا دواءً جديد فيه شفاءُ لأمراض الأبدان والقلوب .. ومعامل  فيها طرق تدرس النفس البشرية  وما بها من خطوب ودروب .. فتنتج لنا برامج إرشادية نفسية تساعد على شفاء النفوس من الخطايا والذنوب ..في ضوء جوهر دين خلقه الله بعيد كل البعد عن المتاجرة به في شعارات هي أشبه للمخَدَّر بالحبوب ..  وتكِّوِن  إنسان  كما قال الإله  يتمتع بكرامة  وإنسانية تبتعد به عن العبودية  لكل من أدخله دائرة الهروب من نفسه إلى  الشر وما يؤدي إليه من طرق ودروب .. شعب كان يحلم  ببيت صغير تتزوج فيه كل بنت عذراء  أصبحت من كثرة  العنوسة كالأرض البور .. شعب كان  يحلم بعمل لشبابه .. فيجد شبابه   يهرب  من بلده .. يهاجر.. للأسف  .. بدلاً من الهجرة إلى نفسه التي يبحث عنها ليجدها .. يهاجر إلى الغربة  ويغرق في البحور .. شعب مزقَّوه قسَّموه فرَّقوه .. جعلوه شعبين .. بل جعلوه شعوباً وشعوب .. توهوه  أربكوه .. حتى في مؤسساته شككوه .. لم يكونوا  له  يوماً قدوة في النزاهة  في الشرف  في الإباء في الشمم  في الإخاء في العطاء في الشهامة في الإقدام ..بل  بالعكس خذلوه .. ألم تكن هناك مقولة مفادها أن  الناس على دين ملوكهم  يسلكون ..ينسجون .. خطاهم رؤاهم ..إن كانت  لحُكامهم رؤى بها يحكمون ..ألم تعوا ذلك أيها الحكام المبجلون .. أم  أنتم ..أيها الحكام عن مسؤولياتكم تتنصلون .. وعن شعوبكم تتهكمون.. ولهم في المسؤولية كل العبئ  تحمَّلون  ..ثم .. تسرقون ..تنهبون ..ثرواتهم.. وعيونهم.. ونفوسهم.. وعقولهم .. ووقت الانتخابات  تجعلونهم  ينتخبون .. تُسخَّرون  لهم إعلاماً  بعقولهم يتلاعبون .. وبطموحهم يرمون .. وبمشكلاتهم يتاجرون .. وعلى  أبصارهم  ومسامعهم يُمثلون .. ولكم أنتم يسجدون .. ولحفلاتكم  واستقبالاتكم يُذيعون .. وبعطاياكم  وهباتكم  لفقير أو اثنين  أو ثلاثة من الشعب يصورون ..   يذيعون صورهم وهم  يهللون يتاجرون بها وللحُكام يمدحون .. وهم يعلمون  أنها هبات قد أخذت من قوتهم وحياتهم بالشمال وأعطيت لهم باليمين وهم لا يدرون .. ويستمر المسلسل .. وتبقى العشوائيات وأطفال الشوارع  على وجوههم يهيمون .. ويبقى الفقر والجهل والمرض ينهش في  قوتهم وأجسادهم وعقولهم   يداعبهم يكسوهم حلة وحلة وحلة   من أحزان ومن هموم .. ويبقى  الحُكَّام  يتراقصون  فرحاً  على جثثهم وهم  يشربون  نخب شعوبهم الملئ بالخمر المعسول فيها لذة للشاربين.. وهم  بعيدين كل البعد عن ما لشعوبهم من آلام البائس الفقير المسكين المكلوم ..نسوا الله فأنساهم أنفسهم وهم بمستقبل شعوبهم وحياتهم يلهون .. ألم تعلموا بعد ..أيها الحُكَّام  أن لكم يوماُ محتوم فيه على وجوهكم سوف تهيمون  ؟ .. وأنكم بدون شعوبكم لن تقم لكم قائمة ولن تدوم ؟..
----------------
د.شهيرة عبد الهادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق