رقم القصيدة : 55379 | نوع القصيدة : فصحى | ملف صوتي: لا يوجد |
قد سمعنا أن في عصر قديم | جمع ضأن كان في مرعى يقيم |
وفرت نسلا بذا المرعى الخصيب | فارغات البال من ليث وذيب |
ثم ألوى بمناهن القدر | ورمى بالسهم فيهن الدهر |
دهمتها الأسد من آجامها | ناشرات الذعر في أيامها |
آية القوة حكم قاهر | سرها الظاهر فتح ظافر |
ضرب الليث طبول النوبة | آخذا آفاق هذي الثلة |
وكسى المرعى بصبغ أحمرا | ما سوى الفرس لدى أسد الشرى |
وانبرى كبش ذكي ذو عمر | جرب الأحداث من حلو ومر |
غمه ما قد يعاني سربه | من فمال الأسد يدمى قلبه |
أمره أحكم في تدبيره | وهو يشكو الدهر في تقديره |
باحتيال العقل يحمي نفسه | كل رخو ليس يرجو بأسه |
قوة التدبير في دفع الضرر | في زمان الضعف أقوى وأمر |
فإذا ما ثار للثأر الجنون | صار عقل العبد خلاق الفتون |
قال أمر حار فيه العاقل | بحر عم ليس فيه ساحل |
كيف للضأن قال الأسد | ساعد رخو وفولاذ يد |
ليس وعظ من بليغ قادرا | أن يرد الكبش ذئبا كاسرا |
لكن الليث راه حملا | إن سها عن نفسه أو غفلا |
فادعى في القوم دعوى ملهم | مرسل للأسد شراب الدم |
قال كل القوم كذاب أشر | غافل عن يوم نحس مستمر |
جئت للناس بشرع محكم | إنني النور لطرف مظلم |
عجلوا التوبة عن كل قبيح | واتركوا الخسر إلى الفعل الربيح |
ويح جلد أحكمت فيه قواه | نفى ذات هو إحكام الحياه |
علف العشب به الروح تطيب | عائف اللحم إلى الله قريب |
حدة الأسنان عار مبرم | بصر الإدراك منها يظلم |
إنما القوة خسران مبين | خصت الجنة بالمستضعفين |
طلب السلطان شر مستطير | خير الفاقة من عز الأمير |
تأمن الحبة برقا محرقا | وترى البيدر منه محرقا |
ذرة كن لا كثيباً أفيحا | لتنال النور من شمس الضحى |
قل لمن يزهى بذبح الغنم | اذبح النفس بحق تغنم |
يقطع السبل على هذي الحياه | قوة فيها وسلطان وجاه |
يوطأ العشب فينمو صعدا | يفتح الأعين من بعد الردى |
أغفلن نفسك إما تعقل | إنما المجنون من لم يغفل |
أسددن عينا وأذنا وفما | ليجوز الفكر أقطار السما |
هذه الدنيا فناء في فناء | إنها وهم فما فيها رجاء |
كانت الأسد جهادا ملت | نازعات نحو عيش الدعة |
عن هوى أصغت إلى النصح المنيم | فدهاها الكبش بالسحر العظيم |
كان فرس الضأن من سنتها | فاقتدت بالضأن في شرعتها |
جوهر الأساد أضحى خزفا | حين صار القوت هذا العلفا |
ذهب العشب بناب ذي أشر | أطفأ الأعين ترمى بالشرر |
ذلك القلب عن الصدر نأى | جوهر المرآة فيها صدئا |
فذوى في القلب شوق العمل | وهيام السعي خلف الأمل |
ذهب الإقدام والعزم الأليل | والسنا والعز والمجد الأثيل |
برثن الفولاذ فيها قد وهن | واستكان القلب في قبر البدن |
ونما الخوف ينقص المنة | قطع الخوف جذور الهمة |
كل داء في سقوط الهمم | يجعل الأحياء مثل الرمم |
نامت الأسد بسحر الغنم
| |
سمت العجز ارتقاء الأمم
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق