الخميس، 23 يوليو 2015

الصندل والقطار والإهمال والسلوكيات الضلال ... بقلم د.شهيرة عبد الهادي ..

بعد أن قرأت عن حادثة صندل الورَّاق .. وعلمت .. حجم الإهمال والسلوكيات الرديئة لقطاع عريض من المصريين .. وعدم وجود رقابة صارمة وقوانين صارمة تطبق على الأمير قبل الغفير .. تذكرت مأسآتي مع .. قطار المنصورة - الإسكندرية ..وهو الميعاد الوحيد  المباشر  للإسكندرية  .. الذي يقوم الساعة 5.25 دقيقة فجراً من المنصورة متوجها إلى الإسكندرية .. والتي عايشتها بنفسي .. أثناء رحلة عودتي للإسكندرية يوم الثلاثاء 21 / 7 / 2015م ..لكي  أستطيع مزاولة عملي بالكلية  في الصباح الباكر ..  فقد حدث الآتي ..مُنذ وصولي  وأخي للمحطة.. ومعرفة أن القطار على رصيف 2.. ذهبت وأخي إلى رصيف 2.. وجدتنا  نشم رائحة كريهة جداً  لا تُحتمل .. ثم وجدنا القطار يقف على مسافة  بعيدة من الرصيف .. وعالي جداً جداً .. على كل إنسان مثلي ..يعاني من حادث قديم في إحدى قدميه أو خشونة في الركبة أو شلل أو أعاقة  أو أو أو .. وبالمناسبة  رُكاب كُثر  كانوا  من هذه الفئة  .. ولأننا مُلتزمين   بقدر الإمكان .. فقد  ذهبت  وأخي ..قبل ميعاد القطار بكثير  .. نحاول أن نقرأ على العربات ما يدل على  أرقامها .. فلا نجد شيئاً .. بالمناسبة  هذا القطار هو عبارة عن .. درجة ثالثة ثم درجة ثانية مميزة ثم درجة ثانية مكيفة    فقط   .. _   فاكرين "العيش المميز" _.. ولا توجد أي إشارات .. سوى على عربات الثانية مكيفة .. مكتوب عليها .. ثانية مكيفة  فقط .. بدون رقم .. وانت بقى وشطارتك  ..  دّور لغاية ما تلاقي عربيتك .. ولأن تذكرتي كانت في العربة رقم 3 .. فتصورت أنا وأخي أن عربة 3 هي الأخيرة .. فذهبنا إليها .. وصعد أخي إلى العربة لكي يأخذ بيدي .. لأن العربة عالية جداً.. عايزة  واحدة بتعرف تلعب جُمباز .. وانا بالطبع مبعرفش .. وكانت مُصيبة سودة .. الواحدة لازم ترفع  هدومها   لفوق قوي  عشان   تعرف  تنط  في  القطار .. والحمد لله أن فيه اختراع إسمه البنطلون .. بتلبسه الست الأيام السودة دي .. ركبنا القطار .. فإذا بنا نشم رائحة أكثر كراهة مما كانت خارج القطار .. والقطار مُستهلك  وزجاج الشبابيك مكسور  والكرسي ضيق جداً   والعربات غير نظيفة  .. وإذا بنا نرى ناس كتير نايمة في القطار .. والقطار ضلمة  وحر  ورائحة كريهة  وسواد السواد .. أخي قال لي .. تصدقي أنا سألت على العربة دي اللي نايمين فيها .. طلعت مش عربة 3 .. وعربة 3 في بداية القطار .. قُمنا عشان نروح عربة 3.. بس من داخل القطار .. معرفناش نمشي من الضلمة والكتمة والحر والريحة  .. فقعدنا لغاية ما شغّلوا النور والمكيف .. حبيت أروح  دورة المياه     ومقلكش  على  قذارتها  في منتهى  القذارة .. المصيبة السودة الثانية  بقى .. إن احنا واحنا رايحين عربيتنا .. كل واحد يعرف أننا رايحين عربية 3 بندور على مقعد 24 .. يقول .. يا باشا أأقعد في أي مكان  وبعدين اللي يجي يجي .. دا  احنا بنقعد في الطيارة  من  غير أرقام  !!! .. وكل ما يجي راكب   جديد  يقولوا له نفس الكلمتين  دول .. ليه  ؟  لأنهم محتلين  كراسي غير كراسيهم  ومش حاجزين .. وكأنه بينصحك  نصيحة غالية  وهو بيضحك وفرحان قوي   بالتعدي على حقوق الغير  .. واحنا حنطأ  ومنردش  عليه .. المهم .. قعدنا في مكاننا .. وبدأت مأساة جديدة .. كل واحد جاي ومش حاجز أصلاً من الشباك .. فـ يقعد في أي مقعد مش بتاعه  .. ويبدأ  شغل الفهلوة  والاستعباط والهمجية  والاستظراف واللعب بالبيضة والحجر والضحك ع  الدقون  .. كل واحد  يقعد في المقعد اللي يعجبه ويختار  المقعد اللي جمب الشباك .. ولما يجي صاحب المقعد اللي  التزم  وقطع تذكرة م الشباك قانوني .. يبدأ يعمل عليه تمثيلية  من تمثيليلات المصريين وفهلوتهم المعروفة  ويعمل إنه من بنها .. وميقمش له  ويظل  جالساً  في المكان اللي اغتصبه ..  ويمثل   تمثيليلة  كما لو أنه صاحب المكان ويعمل أنه بيبص م الشباك  .. لأ  ويزود التمثيليلة ويقول له  كمان .. عيب يا ابني دا أنا قد والدك  .. طيب لما انت راجل كبير وبذقن كمان  وماسك المصحف في إيدك  ومش حاجز ما تلتزم   ..  طيب ما تقول الحق   .. لكن ليه يلتزم ؟   ليه   يقول الحق ؟  ..  ليه  ميآخدش  حق غيره ويقول أنا راجل كبير!! .. شوفوا بقى المصيبة التالتة دي ..لما الشاب اللي مسروق حقه  .. طلب الكمساري  عشان يجيب له حقه .. الكمساري  لوّع في الكلام  .. ومرضيش يقول الحق .. شوفوا بقى اللي جاي بعد كده  كمان .. الكمساري نفسه جاب واحد تاني وبيدور له على مقعد .. طبعا  حضراتكم عارفين هو عمل كده ليه ؟ .. يعني هو متأكد أن فيه مقاعد لم يتم حجزها !!!.. والشئ  العجيب  أن كل واحد لما يروح  يحجز من الشباك  .. موظف الشباك يقول له معدش فيه تذاكر .. وتطلع القطار تلاقي فيه  أماكن فاضية .. وتبقى محتار في كل الظواهر اللي إنت شايفها  وسامعها  .. ومش  عارف تحدد مين اللي غلطان  .. شوفوا كمان المصيبة الكبيرة اللي جاية دي .. بدأ القطار كما لو أنه قطار قشاش  وليس مكيف .. كل ما تيجي  محطة  من أول طلخا  لغاية نهاية الخط .. وخاصة أبو حمص ودمنهور وكفر الدوار .. يحمل ركاب يحمل ركاب يحمل ركاب .. لدرجة أن المكيف  .. كان واقف في الطرقة بتاعته  بدون مبالغة   3 أضعاف اللي قاعدين على الكراسي  .. والرائحة كانت لا تطاق   والألفاظ القذرة   التي تسمعها لا تطاق   والخناقات بين الستات والرجالة لا تحتمل .. وقلة الأدب والسفالة والهمجية وعدم الاحترام وعدم النظافة وعدم النظام   وعدم الأريحية ووووو  والسلوكيات الرديئة   الحقيرة  .. تخيل سعادتك لو  هذا القطار  كان عمل حادث .. معنى ذلك أنه  سيكون فيه آلاف الضحايا بدون مبالغة .. لأنه كان مركب أضعاف أضعاف   حمولة الدرجة الثالثة والدرجة  الثانية المميزة والدرجة الثانية المكيفة .. فعلاً إحنا في بلد ملهاش صاحب .. بلد  لا يُحترم فيها القانون ولا النظام ولا النظافة .. بلد كل سنتيمتر فيه  ملئ بالفساد والرشوة والمحسوبية..   بلد سلوكيات قطاع عريض من شعبها في منتهى الرداءة .. ولن نتغير إلا إذا غيرنا من أنفسنا .. ولا بد من تطبيق قوانين صارمة .. وتفعيل القوانين المحنطة في الأدراج .. وتوقيع عقوبات صارمة على المخالف ..عاوزة أأقول  حاجة    حصلت في القطار بردوو .. على هامش هذا الواقع المرير .. وهي .. من المفارقات  العجيبة  .. أن  طفلة  في سن الرابعة عشرة تقريباً .. كانت أمامي وكان كرسيها مسروق بردوو .. سمعتني وانا  باكلم نفسي  " زعلانة من تصرفات البشر  دول " .. فقالت لي : " هو انت  من مصر؟ " .. قلت لها : " نعم من مصر" .. ولاحظت أن لهجتها  غير مصرية .. فسألتها  .. " إنت منين يا قمر" .. قالت :بابا  مصري  بس ماما عراقية  .. واحنا  كلنا جايين " سياحة في مصر ورايحين  اسكندرية  سياحة   بس بصراحة   العراق أحسن " ..وكنت  قد سمعت والدها يُناديها  " فاطمة" .. قلت لها : إزاي  يا فاطمة ؟ .. دا  العراق فيها حروب .. قالت  : فعلا  بس  مش في كل الأماكن .. إحنا  في بغداد   ومفيش  الزحمة  والحاجات اللي انا شايفاها دي  هنا  .. طبعاً أنا قلتلها وانا قلبي  بيتقطع   على بلدي   وأعصابي تعبانة  م  اللي شفته  وسمعته  : مصر أحسن بلد في الدنيا .. إحنا بننتقد أنفسنا .. عشان عاوزين بلدنا  تظل أحسن بلد في الدنيا ..يا فاطمة ..
----------------------------------------------------------------
د.شهيرة عبد الهادي
#Drshahera_Abd_Elhady_Ibrahem

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق